الغيبة من الذنوب الكبائر
وهي : أن يذكر المؤمن بعيب في غيبته ،سواء أكان بقصد الانتقاص ، أم لم يكن ، وسواء أكان العيب في بدنه ،
ام في نسبه ، أم في خلقه ، أم في فعله ، أم في قوله ، أم في دينه ،أم في دنياه ، أم في غير ذلك مما يكون
عيبا مستورا عن الناس . كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول ، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب .
والظاهر اختصاصها بصورة وجود سامع يقصد إفهامه وإعلامه او ما هو في حكم ذلك . كما أن الظاهر أنه لا بد من تعيين
المغتاب ، فلو قال : واحد من أهل البلد جبان لا يكون غيبة ، وكذا لو قال : أحد أولاد زيد جبان .
نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الاهانة والانتقاص لا من جهة الغيبة . ويجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم
والاحوط استحبابا الاستحلال من الشخص المغتاب إذا لم تترتب على ذلك مفسدة أو الاستغفار له . وقد تجوز
الغيبة في موارد :
منها المتجاهر بالفسق ، فيجوز اغتيابه في غير العيب المتستر به .
ومنها : الظالم لغيره ، فيجوز للمظلوم غيبته والاحوط وجوبا الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقا .
ومنها : نصح المؤمن ، فتجوز الغيبة بقصد النصح ، كما لو استشار شخص في تزويج امراة فيجوز نصحه ،
ولو استلزم اظهار عيبها بل لا يبعد جواز ذلك ابتداء بدون استشارة إذا علم بترتب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة .
ومنها : ما لو قصد بالغيبة ردع المغتاب عن المنكر ، فيما إذا لم يمكن الردع بغيرها .
ومنها : ما لو خيف على الدين من الشخص المغتاب ، فتجوز غيبته ، لئلا يترتب الضرر الديني
ومنها : جرح الشهود .
ومنها : ما لو خيف على المغتاب الوقوع في الضرر اللازم حفظه عن الوقوع فيه ، فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه .
ومنها : القدح في المقالات الباطلة ، وإن أدى ذلك إلى نقص في قائلها، وقد صدر من جماعة كثيرة من العلماء القدح في القائل
بقلة التدبر ، والتأمل، وسوء الفهم ونحو ذلك ، وكأن صدور ذلك منهم لئلا يحصل التهاون في تحقيق الحقائق .
عصمنا الله تعالى من الزلل ، ووفقنا للعلم والعمل ، إنه حسبنا ونعم الوكيل .
وقد يظهر من الروايات عن النبي والائمة عليهم أفضل الصلاة والسلام أنه : يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب ،
ويرد عنه . وأنه إذا لم يرد خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة . وأنه كان عليه كوزر من اغتاب .